اللعب مع الطفل 2



   اللعب بحرية حق من حقوق الطفل وفرصة لا تعوض للتعلم بطريقة سهلة وممتعة، وطريقة فعالة لتبادل المشاعر فكلما كان اقترابك من طفلك أكبر كلما زادت ثقته بنفسه وقويت شخصيته أكثر. من خلال لعبك معه  سيكتشف قدراته ومواهبه فتزيد معرفته بنفسه وثقته بها. من خلال لعبك معه سيتعلم كيف ينجح لأنه يحاول أمامك وأنت تشجعه وتدعم محاولاته ولو كانت محاولات فاشلة. معك ابنك سيتعلم كيف يحاول وكيف لا يصاب بالإحباط، معك ابنك سيتعلم كيف ينجح ويتخطى الفشل.

   إذن هذه فرصتك كأب لمعرفة قدرات طفلك ومهاراته التي يتمتع بها واستثمارها، أيضا معرفة ردود أفعاله إزاء المواقف الحياتية المختلفة وتصويبها. هي فرصة لتعرف نقاط ضعفه وتحاول تحسينها ونقاط قوته فتستثمرها، عن طريق تمرير بعض الرسائل الإيجابية له، وزرع بعض الصفات الحميدة والأخلاق الكريمة فيه. هو طريقك المختصر إلى قلب ابنك، به ستقترب من طفلك أكثر وتعرف ما يحب ويكره، وتعرف بما يفكر وما هي اهتماماته وما هي انشغالاته. 



   للآباء الذين يحرمون أبناءهم من اللعب ويمنعونهم من ممارسته حرصا على مصلحتهم وخوفا على مستقبلهم وللذين ينظرون للعب على أساس أنه مضيعة للوقت لهؤلاء أقول، احرصوا على توفير فرص اللعب لأبنائكم وممارسته ولا تحرموهم منها سواءا داخل البيت أو خارجه، لأنه أداة فاعلة وحاجة أساسية ملحة لنمو أفضل لأبنائنا وتربة خصبة لا يمكن الاستغناء عنها في نمو علاقات دائمة من الثقة والحب والرقة والحنان والرحمة. أيضا احرصوا على توفير فرص اللعب الجماعي لأولادكم، فمع مرور الوقت وهبوب رياح التطور في مجتمعاتنا بدأت الألعاب الجماعية تقل، وأصبحت تنافسها الألعاب الفردية القائمة على التفاعل المادي التي أدت إلى ازدياد أوقات الوحدة لدى الطفل.

   تذكر أن لعب الأب الرجل مع الطفل جانب تكميلي، فغالبا تقول الأم للطفل احذر أن تسقط لكن الأب يشجعه ويقول "حاول فأنت أقوى". كذلك إذا طلب منك طفلك اللعب معه فحاول أن تلبي له طلبه، واحذر أن تعتقد بأن ذلك سيحط من قدرك ويقلل من احترامك كأب. أخيرا أضيف أن مشاركة الطفل لا تعني مراقبته والحد من حركته وإنما المساهمة فيما يقوم به مع ترك مساحة له للتعبير عن نفسه من خلال لعبه، فأوقاتا ممتعة في اللعب مع أبنائكم.

إقرأ المزيد

قصيدة أب للشاعر عمر بهاء الدين الأميري





   اليوم اخترنا لكم قصيدة جميلة من روائع الشاعر السوري الراحل الذي عُرِف بشاعر الإنسانية المؤمنة عمر بهاء الدين الأميري  من ديوانه "أب". في هذه القصيدة حاول الشاعر أن يرسم طفولة أولاده في صور طبيعية غير مصطنعة، وقد نالت من الذيوع والانتشار ما جعل الشاعر نفسه يعجب من ذلك  حتى سماها قصيدة محظوظة !     
  هي قصيدة في الحنين إلى أولاده في طفولتهم، حينما خرجوا من داره في مصيف (قرنايل) بلبنان عام 1377 هـ عائدين إلى دارهم في (حلب) وتركوه وحيداً في صمت ثقيل ، بعد الصخب الذي كانوا يشعلونه في كل زاوية من البيت، فما كان منه إلا أن أطلق هذا الاستفهام الظامئ اللاهث خلف كل أثر تركوه من حوله ، بحثاً عن اللذة التي لا تعرف إلا حين تفتقد.نترككم مع القصيدة، فقراءة ممتعة مع هذه القصيدة الفريدة لما احتوته من قوة التصوير وروعة التعبير، والتي قال فيها الشاعر والأديب الأستاذ عباس محمود العقاد في إحدى المناسبات بإحدى ندواته بمنزله: "لو كان للأدب العالمي ديوان من جزء واحد، لكانت هذه القصيدة في طليعته!"




أين الضجيج العذب والشغب                       أين التدارس شابه اللعب
أين الطفولة في توقدها                             أين الدمي في الأرض والكتب
أين التشاكس دونما غرضٍ                        أين التشاكي ما له سببُ
أين التباكي والتضاحك في                         وقتٍ معاً ، والحزن والطرب

أين التسابق في مجاورتي                          شغفاً إذا أكلوا وإن شربوا
يتزاحمون على مجالستي                          والقرب مني حيثما انقلبوا
يتوجهون بسوق فطرتهم                           نحوي إذا رهبوا وإن رغبوا
فنشيدهم (بابا) إذا فرحوا                          ووعيدهم (بابا) إذا غضبوا
وهتافهم ( بابا ) إذا ابتعدوا                        ونجيهم (بابا) إذا اقتربوا
بالأمس كانوا ملء منزلنا                         واليوم ويح اليوم قد ذهبوا
وكأنما الصمت الذي هبطت                      أثقاله في الدار إذا غربوا
إغفاءة المحموم هدأتها                            فيها يشيع الهم والتعب
ذهبوا،أجل ذهبوا، ومسكنهم                      في القلب، ما شطوا وما قربوا
إني أراهم أينما التفت                             نفسي ، وقد سكنوا وقد وثبوا
وأحس في خلدي تلاعبهم                        في الدار ، ليس ينالهم نصب
وبريق أعينهم إذا ظفروا                         ودموع حرقتهم إذا غلبوا
في كل ركن منهم أثر                            وبكل زاوية لهم صخب
في النافذات زجاجها حطموا                     في الحائط المدهون قد ثقبوا
في الباب قد كسروا من الجد                     وعليه قد رسموا وقد كتبوا
في الصحن فيه بعض ما أكلوا                   في علبة الحلوى التي نهبوا
في الشطر من تفاحة قضموا                     في فضلة الماء التي سكبوا
إني أراهم حيثما اتجهت                         عيني كأسراب القطا سربوا
بالأمس في (قرنايل ) نزلوا                      واليوم قد ضمتهم ( حلب)
دمعي الذي كتمته جلداً                           لما تباكوا عندما ركبوا
حتى إذا ساروا وقد نزعوا                      من أضعلي قلباً بهم يحب
ألفتني كالطفل عاطفة                            فإذا به كالغيث ينسكب
قد يعجب العذال من رجل                      يبكي ، ولو لم أبك فالعجب
هيهات ، ما كل البكا خور                     إني وبي عزم الرجال ، أب !


روابط:







إقرأ المزيد