حاجة الطفل إلى الحب



   تحدثنا في موضوع سابق عن حاجة الطفل إلى القبول وذكرنا أن أغلب السلوكيات المزعجة أو المضطربة التي نراها في الطفل سببها خاصة عدم إشباع إحدى حاجياته النفسية ومن بين هذه الحاجيات حاجة الطفل إلى الحب والمودة والحنان. كل أمهات وآباء العالم يحبون أبناءهم ولكن في ظل الحياة السريعة التي نعيشها بما تحويها من مشاكل وصعوبات وتحديات، فهل يحصل أبناؤنا على الجرعة المناسبة من الحب كي ينشؤوا النشأة الصحيحة؟


   الحب مشاعر رقيقة تعبر عن الجانب الإنساني للإنسان وعاطفة قوية تجعله يشعر بالسعادة والارتياح، الحب إعجاب وانجذاب، الحب حرص واهتمام،الحب أمان واطمئنان ، الحب رعاية ورحمة، الحب استقرار وسكينة. 
   يحتاج الطفل في الأيام المبكرة من حياته إلى الحب والحنان وتعتبر الأم المصدر الأول لهذا الحب، فحب الأم لطفلها سيرسم الخطوط العريضة الأولى لتصرفات الطفل المستقبلية من حب وكراهة، رفق ولين، قسوة وخشونة وأيضا ملامح شخصيته ضعيف أم قوي، انطوائي أو اجتماعي، وليصل الطفل إلى مرحلة حب المجتمع لابد أن يمر أولا عبر مرحلة حب العائلة، فالحب ضروري لشعور الأطفال بتقبل واهتمام الآخرين بهم، وهذا يحقق التوازن الانفعالي اتجاه مواقف الحياة المختلفة خاصة العلاقات الاجتماعية.


   الحب الذي يحتاجه الطفل والذي نقصده هو الحب بلا شروط أي أن يكون الطفل محبوب كفرد ومرغوب فيه لذاته وأنه موضع إعتزاز وحب الآخرين، فالأصل أن يكون الطفل محبوب من الرغم من عدم الرضى عن سلوكياته وتصرفاته الخاطئة ، واعتراضنا يجب أن يكون على السلوك وليس على شخص الطفل بمعنى عندما يخطئ الطفل لا تقم بانتقاده ولكن قم بانتقاد السلوك الصادر عنه.



   الافتقار إلى عاطفة الحب والحنان يفقد الطفل أمانه النفسي، فالطفل الذي لا يشعر بالأمان النفسي كثير الانفعال سيء المزاج قليل النشاط، لأنه لا يمكن بناء وتكامل القوى العقلية والفكرية للطفل إلا في ظل محيطها الهادئ  المليء بالحب، وفقدان المشاعر يؤدي إلى الانطوائية وعدم المقدرة على مواجهة المجتمع والعالم الخارجي. وللحرمان العاطفي آثار في السنوات الأولى من عمر الطفل كالتبول اللائرادي، الصراخ أثناء النوم، الأرق، حركات شاذة للفت النظر... أيضا ينمو عصبي المزاج، ناقم ،خشن،عنيف، سيء الظن..... مجموعة من المشاعر المرفوضة التي تؤدي مستقبلا إلى طريق خاطئ لا تحمد عقباه وتؤدي غالبا إلى الانحراف لأنه سيستسلم في النهاية لأي حب سواءا كان كاذبا أو حقيقيا، يمكننا أن نقول أن الطفل الذي يعاني الحرمان العاطفي من عائلته سيبحث عن العاطفة والحب خارج بيته عندما يكبر خاصة في سن المراهقة، والطفل إذا أحس بقسوة وغلظة وبغض والده وعدم إظهار المودة والحب له سينحرف قصد إقلاقه وإزعاجه وإتعاسه وانتقاما منه.


   ليس من الحب استخدام أسلوب العقل والمنطق في تربية الطفل وتعليمه، ليس من الحب ممارسة السلطة والتحكم في الطفل و التغاضي عن احتياجاته، ليس من الحب عدم الاكتراث لمشاعر الطفل وأحاسيسه، ليس من الحب تدليل الطفل وتلبية جميع رغباته، ليس من الحب أن تفضل ابنا على آخر أو أن تهين ابنك أمام أقرانه.

   لا إفراط في الحب ولا تفريط... الإفراط في حب الطفل له عواقب وخيمة وأضرار جسيمة كاللامسؤولية والاتّكالية، والاستبداد والاعتداء على حقوق الآخرين بعدما صار من المدلّلين. لذا علينا كآباء ومربين أن نحرص على نشر الحب في بيوتنا وزرعه في قلوب أبنائنا باعتدال لتقوم حياتهم بين الخوف والرجاء.


   يقول فرويد: "ضروري جدا إشباع الحاجات النفسية، فالإحساس بالفراغ النفسي يؤدي إلى تعميق الشعور بالنقص والدونية والقلق والتشاؤم، ومثل هذه المشاعر المحبطة تهيؤ للفرد سبل الانحراف والتخلق بأخلاق معينة غير مقبولة أدبيا واجتماعيا".


تنبيه : المرجوا عدم نسخ الموضوع بدون ذكر مصدره المرفق بالرابط المباشر للموضوع الأصلي وإسم المدونة وشكرا

هل اعجبك هذا الموضوع ؟

هناك تعليق واحد: