تقبل مشاعر الطفل


   الأطفال كتلة ضخمة من المشاعر الجياشة ومخزون هائل من الأحاسيس القوية،هذه المشاعر التي لا يجيدون التعبير عنها بوضوح. قبل أن أكون أما كنت أرى الكثير من الأمهات يعانين من مشاكل مع أولادهن، وكنت أتساءل لماذا بعض الآباء لديهم مشاكل مع الأولاد؟ لما بعض البيوت لا تكاد تخلو من الصراخ والتعنيف والضرب والتهديد؟ هل حقا هذه هي التربية الصحيحة والطريقة الناجعة والمعاملة السليمة؟؟؟ لابد من وجود طرق أخرى بديلة، لكن في رأيي كان هذا الطريق الأسهل الذي يتبعه بعض الآباء للحصول على النتائج الأسرع التي ترضيهم على المدى القريب ولها آثار سلبية على المدى البعيد.
   
   صحيح أن الحياة مع الأولاد وتربيتهم قد تكون منهكة ولكن قد تكون ممتعة أيضا، فمن منا لا يريد أن يجعل من حياته مع أولاده متعة؟

   إن كل أم تريد أن تكون علاقتها بطفلها جيدة وعندما يبدأ يوم جديد قد تقول في نفسها "اليوم سيكون مختلفا، سأحاول أن أكون اليوم أفضل في علاقتي مع أولادي" ماذا بعد ذلك؟ لا يكاد يبدأ اليوم حتى تدخل في مناقشات عقيمة مع الأولاد، يبدأ التوتر وتبدأ الأصوات تعلو يبدأ الصبر ينفذ والضغط يرتفع و...وتنفجر الأم وليس بعد الانفجار إلا الدّمار، تفشل الأم المسكينة في الحديث مع أولادها وإيجاد حلول مناسبة، يا لخيبة الأمل. أليس هذا ما يحدث في بعض البيوت؟

   محادثاتنا مع أولادنا كانت تتحول إلى مناقشات لا طائل منها، لأننا كنا نريد أن يثق الطفل في مدركاتنا ويعتمد عليها، ويهمل مدركاته ولا يثق فيها.
   مشكلتنا أننا لا نتقبل مشاعر أطفالنا فهناك علاقة وثيقة بين مشاعر الطفل وسلوكه. الشعور الصحيح يؤدي إلى السلوك الصحيح، ورفضنا المستمر لمشاعر أبنائنا شوّشهم وأغضبهم وأسخطهم وعلّمهم أن يتجاهلوا مشاعرهم ولا يثقوا بها.


  تريد أن تعرف بما يشعر طفلك؟ ضع نفسك مكانه، كيف ستوصل شعورك كطفل لمن حولك؟؟؟ كل واحد منا شخص مستقل وله مشاعر مختلفة ولا أحد منا على صواب أو على خطأ.ماذا يعني هذا الكلام؟ إذا كنت أنت تشعر بالبرد مثلا فهذا لا يعني بالضرورة أن أشعر بالبرد مثلك، فهل إذا شعرت بالبرد فأنا على صواب ولأنك لم تشعر بالبرد مثلي فإنك تكون مخطئا؟وكذلك الأمر بالنسبة للطفل.في بعض الأحيان يطلق الأولاد بعض التعابير التي تؤدي بشكل آلي لرفضنا لهم لماذا؟ "عندما يتعلق الأمر بشيء يغضبك أو يقلقك لن تستطيع أن تتقبل مشاعر ابنك" مثلا لو أخبرك ابنك بأنه يبغض أمك(جدته) كيف ستكون ردة فعلك...؟ لا أحد منا يتقبل ذلك إنها مشاعر مرفوضة، ما رأيك؟ عندما تكون منزعجا أو متألما ماهو آخر شيء تودّ سماعه؟ أليست النصيحة ووجهات النظر هي آخر شيء تودّ سماعه...؟ أكيد عندما تكون متألما ستكون بحاجة إلى أحد يتعرف ألمك الداخلي ويفسح لك المجال للحديث عما يزعجك ليخفّ ضيقك وتستطيع التغلب على مشكلتك، وهكذا تجري الأمور مع الأطفال.

   الأطفال هم كذلك بحاجة إلى لغة التعاطف، هذه اللغة التي ربما لا تأتي إلينا بشكل طبيعي وقليل هم الآباء الذين يتقنون هذه اللغة (جعلنا الله وإيّاكم ممن يجيد لغة التعاطف مع أبنائه) لأنها ليست جزءا من لغتنا الأم... لأننا نشأنا وفي داخلنا مشاعر مرفوضة... ولكي نطلق لساننا بلغة المشاعر الجديدة علينا أن نتعلم ونمارس طرقها.
تنبيه : المرجوا عدم نسخ الموضوع بدون ذكر مصدره المرفق بالرابط المباشر للموضوع الأصلي وإسم المدونة وشكرا

هل اعجبك هذا الموضوع ؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).