نعتبر نحن الآباء نافذة الطفل نحو العالم والبوابة الأولى للمعرفة والمصدر الأول للمعلومات والمعارف والحقائق المكتسبة، فمن منا لم يواجهه طفله بسؤال غير متوقع؟ ومن منا لم يمطره الطفل بوابل من الأسئلة خصوصا في مرحلة الطفولة المبكرة؟ كيف كانت ردود أفعالنا حينها هل كانت ردودا إيجابية أم كانت سلبية؟ تذكرون....تحدثنا في موضوع سابق عن خصائص تلك المرحلة وذكرنا أن من أهم ما يميزمرحلة الطفولة المبكرة كثرة أسئلة الطفل، إخواني المربين استعدوا فحديثنا اليوم عن أسئلة الطفل المحرجة، محرجة قلت محرجة؟؟ لماذا هي محرجة؟ يجيبنا الدكتور مصطفى أبو السعد قائلا: "كل الأسئلة التي يطرحها الإبن قد تصبح محرجة للآباء والأمهات الذين استقالوا عن إعطاء ومنح أبنائهم فرصة الحديث والحوار معهم"، فهل تحرجك أسئلة طفلك؟
بداية علينا أن نعرف أن الطفل يطرح أسئلة كثيرة في مرحلة متقدمة من العمر في محاولة جادة من قبله لفهم العالم من حوله وتكوين مواقف منه وأيضا في محاولة إيجاد مكان لنفسه (كالاعتبار والقبول) هذه الأسئلة التي تؤرّقه إن لم يجد إجابة عنها،لأنها حاجة طبيعية تقتضيه النمو العقلي والحسي للطفل، لأنها أيضا حاجة نفسية عند الإنسان تقتضيها مشاعره وحواسه كي تنمو وتنضج، ويكبر إدراكه ويتقوى من خلال هذه الأسئلة النّاجمة عن عدة دوافع كالخوف والقلق والرغبة في الاطمئنان (لعدم وجود خبرة سابقة مباشرة فيسألون عما يخافون منه للشعور بالأمن والطمأنينة)، حب الاستطلاع والرغبة في المعرفة، جذب الانتباه والحصول عليه، إتقان شيء جديد كاللغة التي يمارسها ويتباهى بها، وأخيرا المقاومة والتمرد والسخط على الكبار.
يطلق الطفل سؤاله البسيط الساذج عن رغبة صادقة في المعرفة واكتشاف العالم الذي يحيط به هذا السؤال الذي لا يجد إلا صدّا وإهمالا من بعض الآباء والمربين الذين يرتكبون أخطاءا جسيمة حيال ذلك،إما جهلا منهم بالجواب، إما لغرابة سؤال الصغير وتفاهته، إما لصعوبة السؤال الذي يطرحه خاصة في السؤال المتصل بجانب من جوانب المحرمات الإجتماعية والأخلاقية التي لا يسمح بتناولها إلا في سن معين، وإما لأنها أسئلة غير مباشرة فيجهل الوالدين ما يريد الطفل معرفته.هي أخطاء على كل مربي معرفتها لتفاديها "يعرف السمّ ليتّقى"، لأنها تقتل مهارات التعلم لدى الطفل وإشباع حاجته للمعرفة أهمها اعتبار أسئلة الطفل غريبة لا ينبغي أن يسألها، التجاهل والتهرب من الرد على أسئلته سواءا من ملامح الوجه وحركات الجسم أو تغيير الموضوع أو تأجيل السؤال (فيما بعد ، بعدين)، الرد المباشر وتوجيه الرسائل السلبية (مثل سؤالك يزعجني، أنت تسأل كثيرا، أنت تزعجني بأسئلتك سيئة الأدب،أسئلتك كثيرة وتافهة، توقف عن طرح هذه الأسئلة)، الإجابة غير مقنعة أو غير صحيحة أصلا، الكذب على الطفل بدعوى أنه صغير وأنه لا يفهم، إظهار الحرج من السؤال أو قول سؤالك محرج، والأدهى والأمر قمع الطفل عند السؤال والرد عليه بعنف وشدة.
فما هي الطرق أو المبادئ أو القواعد الصحيحة للتعامل مع أسئلة الطفل؟
كن مستعدا وأجب الطفل عن أي سؤال يطرحه مهما كان نوعه ومهما كان موضوعه وأنت مرتاح وواثق من نفسك دون تهرب أو ارتباك أو تلعثم أو إظهار الحرج، استقبل أسئلته باهتمام وبصدر رحب، واختر الأسلوب الذي يتناسب وقدرات الطفل ومرحلة نموه، اختر العبارات المناسبة لعمر الطفل وخصوصا المتداولة بينكم، وهيء الجو المناسب لذلك، يجب أن تكون إجابتك محددة مبسطة، قصيرة وحسب درجة ذكاء الطفل، لا يتطلب الأمر التدقيق والدخول في التفاصيل التي تفتح الطريق للتعمق في أسئلة أخرى. أنصت لأسئلة طفلك وأصغي إليها باهتمام ففي كثير من الأسئلة الطفل لا يريد أجوبة بل يريد إنصاتا، يريد أن يجذب انتباهك لتنصت له فالحاجة إلى الإنصات هي حاجة إلى الاهتمام والاهتمام يشبع الحاجة إلى الحب والطمأنينة والاعتبار، فبالإصغاء يشعر الطفل بالاحترام والتقدير والاطمئنان والثقة بالنفس. أصدقه القول واحذر الكذب عليه، وتحر الصّدق في الإجابة وبكل أمانة بإعطاء حقائق علمية مبسطة بلغة مفهومة وبالمفردات التي تعود عليها. كن لطيفا معه أثناء الإجابة وأثناء الإنصات وأبد إعجابا وتقديرا له، وشجّعه أن يسأل وإذا سأل امدحه،احضنه واشكره لأنه سأل. وأخيرا اعلم أن بعض الأطفال يطرحون أسئلة لا يقصدون بها مجرد الإجابة العلمية، لكن هناك دافع وراء السؤال ابحث عنه واهتم به وعالجه.
كانت هذه أهم النقاط التي أردت ان أركز عليها في الموضوع وللحديث بقية في تدوينات لاحقة إن شاء الله، قبل ذلك نريد أن نتعرف على مواقف محرجة حصلت لكم مع أسئلة أطفالكم وكيف كانت ردة فعلكم،. شاركونا تعليقاتكم فنريد أن نسمع منكم وممن كان له سبق في التربية لا تبخلوا علينا.
Thanks to topic
ردحذفشكرا لمرورك
ردحذف